فصل: الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ السَّادِسُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتُهُ رَفعَهُ.السَّبَبُ السَّابِعُ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ فِيمَا يُسَمَّى:

فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالتَّزْوِيجُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى بِأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِهِمَا وَلَوِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَفِي إِجْبَارِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْمِنَّةِ أَو مُرَاعَاة للْعقد وَلَو رضيت بِالْألف لَزِمَ الزَّوْجَ وَلَوْ دَخَلَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لُزُومُ الْأَلْفِ لِلزَّوْجِ وَالزَّائِدُ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَنِ الرَّسُولِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُغَرَّمَ إِلَّا مُسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْأَلْفِ وَالزَّائِدُ عَلَى الرَّسُولِ لِتَغْرِيرِهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالْعَقْدِ بَيِّنَةٌ وَرَضِيَ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا إِنْ رَضِيَتِ الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الزَّوْجَ فَإِنْ نكل حَلَفت وَاسْتَحَقَّتِ الْأَلْفَيْنِ وَصَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ دَخَلَ وَتَرَاضَيَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالتَّعَدِّي لَزِمَ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا فتَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ إِلَّا بِأَلْفٍ وَيَبْرَأُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهُمَا قَالَ وَهَذِهِ يَمِينٌ لَا تَرْجِعُ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ تَحْقِيقًا فَتَرْجِعَ وَبلا خطّ.
قَاعِدَةٌ أُخْرَى:
وَهِيَ أَنَّ مَنْ سُلِّطَ عَلَى مَالِهِ خَطَأً هَلْ تُسْقِطُ الْغَرَامَةُ لَهُ التَّسْلِيطَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ سُلِّطَتْ عَلَى بُضْعِهَا خَطَأً.
فرع:
قَالَ إِذَا نَكَلَ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ فِيهِ خِلَافٌ سَبَبُهُ هَلْ يَمِينُ الزَّوْجِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ لِذَلِكَ وَإِبْطَالِ قَوْلِ الرَّسُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَدُّ مُقِرًّا إِذَا نَكَلَ وَلَا يُحَلِّفُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ تَحْلِيفُهُ وَأَصْلٌ آخَرُ هَلِ النُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يُحَلِّفَهُ أَوْ لَا فَيُحَلِّفَهُ وَإِنْ دَخَلَ فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ إِلَّا الْألف ثمَّ إِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي فَهَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَإِنْ أَنْكَرَ وَقُلْنَا يغرم فَللزَّوْج تَحْلِيفه فَإِن نكل حلف وَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَغْرَمُ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّوْكِيلِ بَيِّنَةٌ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَدْخُلْ حَلَفَتْ إنَّ الْعَقْدَ بِأَلفَيْنِ فَإِن رَضِي الزَّوْج وَإِلَّا لَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَتْ صَحَّ بِالْأَلْفِ إِلَّا أَنْ يكون الزَّوْج علم مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَيَحْلِفَ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ التَّوْكِيلِ يَحْلِفُ إنَّ التَّوْكِيلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ فَإِنْ حَلَفَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرَضِيَتِ الْمَرْأَةُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ يَمِينٌ لَا تَرْجِعُ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ التَّحْقِيقَ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ إِذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فَإِنْ دَخَلَ حَلَفَ وَمَضَى النِّكَاحُ بِالْأَلْفِ وَإِنْ نَكَلَ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي تَحْقِيقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ لَا تَرْجِعُ وَيُخْتَلَفُ فِي تَحْلِيفِهِ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِالتَّعَدِّي أَمَّا إِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الألفان لدُخُوله عَلَيْهِمَا أَو هِيَ دونه فمالها إِلَّا أَلْفٌ أَوْ هُمَا جَمِيعًا وَعَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ أَوْ ل يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ فَلَهَا الْأَلْفَانِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ مُعَارَضٌ بِعِلْمِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَلْفٌ وَيَقْتَسِمَانِ الْأُخْرَى وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِعِلْمِهِ فَلَهَا الْأَلْفُ فَقَطْ أَوْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِلْمِهَا فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ لِأَنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ دَخَلَا وَأَصْلُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ مَا دخل عَلَيْهِ.

.الْقُطْبُ الرَّابِعُ الْعَقْدُ نَفْسُهُ:

وَفِيهِ تِسْعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِيغَتِهِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَفَظُ الصَّدَقَةِ وَقَالَ الْأَصْحَابُ إِنْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ النِّكَاحَ صَحَّ وَيَضْمَنُ الْمَهْرَ وَيَكْفِي قَوْلُ الزَّوْجِ قَبِلْتُ بَعْدَ الْإِيجَابِ مِنَ الْوَلِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَلَوْ قَالَ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الثَّيِّبِ زَوِّجْنِي فَقَالَ فَعَلْتُ أَوْ زَوَّجْتُكَ فَقَالَ لَا أَرْضَى لَزِمَهُ النِّكَاحُ لِاجْتِمَاعِ جُزْأَيِ الْعَقْدِ فَإِنَّ السُّؤَالَ رِضًا فِي الْعَادَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَلَّا يَنْعَقِدَ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ الْمَنْعُ كَمَذْهَبِ ش وَالْجَوَازُ كَمَذْهَبِ ح لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَأَنَّ النِّكَاحَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الصَّرِيحِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَة فتقاس عَلَيْهِ الْهِبَة وَقَالَ صَاحب القبس جَوَّزَهُ ح بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَالِكٌ بِكُلِّ لَفْظٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُتَنَاكِحَانِ مَقْصِدَهُمَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ الْمُؤَبَّدَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَسَوَاءٌ ذُكِرَ الصَّدَاقُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَمْ لَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ وَالنِّكَاح وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْقُرْآنِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النِّسَاء 22 {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الْأَحْزَاب 37 وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَابُوا عَمَّا احْتَجَجْنَا بِهِ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ فَيَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهَا بَلِ الْوَاقِعُ أَحَدُهَا وَالرَّاوِي رَوَى بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ ح غَيْرَ الْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِحْلَالِ وَجَوَّزَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَالْجَوَابِ بِقَوْلِهِ فَعَلْتُ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِبَاحَةُ الْمَرْأَةِ حُكْمٌ فَلَهُ سَبَبٌ يَجِبُ تَلَقِّيهِ مِنَ السَّمْعِ فَمَا لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الشَّرْعِ لَا يَكُونُ سَبَبًا وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اعْتَمَدَ ش وَالْمُغِيرَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْل عَن الْمَذْهَبِ.
قَاعِدَةٌ:
الشَّرْعُ كَمَا يَنْصِبُ خُصُوصَ الشَّيْءِ سَبَبًا كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَكَذَلِك ينصب مُشْتَركا بَين أَشْيَاء ويلغي خصوصياتها كَأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مَا دَلَّ على انْطِلَاقِهَا مِنْ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى النِّسْبَةِ إِلَى الزِّنَا أَوِ اللِّوَاطِ وَأَلْفَاظُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِ الرِّسَالَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالنِّكَاحُ عِنْدَنَا عَلَى مَا حَكَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِ فَيَتَعَيَّنُ الْعُمُومُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
قَاعِدَةٌ:
يَحْتَاطُ الشَّرْعُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْإِبَاحَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنِ الْإِبَاحَةِ إِلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَعْتَمِدُ الْمَفَاسِدَ فَيتَعَيَّن الِاحْتِيَاط لَهُ فَلذَلِك حُرِّمَتِ الْمَرْأَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْأَبِ وَلَا تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعدة وَالْعقد الْأَوَّلِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَوْقَعَنَا الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَاتِ وَإِنْ بَعُدَتْ حَتَّى أَوْقَعْنَاهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحِلِّ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَلَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ بِكُلِّ لَفْظٍ بَلْ بِمَا فِيهِ قُرْبٌ مِنْ مَقْصُودِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ وَجَوَّزْنَا الْبَيْعَ بِجُمْلَةِ الصِّيَغِ وَالْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا ينْقل الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السِّلَعِ الْإِبَاحَة حَتَّى تملك بِخِلَاف النِّسَاء ولعموم الْحَاجة للْبيع ولقصوره فِي الِاحْتِيَاط عَن الْفُرُوجِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ ظَهَرَ لَكَ اخْتِلَاف موارد الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَسَبَبُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَنَشَأَتْ لَكَ الْفُرُوقُ وَالْحِكَمُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَهْدِينَا سَوَاء السَّبِيل.

.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ:

قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لَا يجب فِي العقد وَيجب للدخول فَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ فِي نِكَاحِ السِّرّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِطَلْقَةٍ لِإِقْرَارِهِمَا بِالنِّكَاحِ وَحُدَّ إِنْ وَطِئَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَاشِيًا أَوْ يَكُونَ عَلَى الْعَقْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيُدْرَأَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَإِنْ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ وَأَمَرَ بِالْكِتْمَانِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَلَى الْفَسْخِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُول وَقَالَ ذَلِك ذَرِيعَة للْفَسَاد وَمنع التَّغْرِير عَلَى الْخَلْوَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُشْهِدْ إِلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فُسِخَ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْإِشْهَادُ عِنْدَنَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْأَصْحَابِ خَالَفَ فِي هَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُولِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الشَّهَادَةَ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحُدُّهَا أَنَّ النَّفْيَ دَائِرٌ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَلَمْ يُنَصَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهِمَا وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَا يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَمَّا الْحِلُّ فَثَابِتٌ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الدُّخُولِ لِأَن اللَّفْظ فِيهِ حَقِيقَةٌ وَفِيمَا ذَكَرُوهُ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَجَازِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الصَّدَاقَ مَذْكُورٌ مَعَ عَدَمِ شَرْطِيَّتِهِ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ التَّفْوِيضِ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ دَاخِلٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْبَيِّنَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْعَقْدِ وَرَابِعُهَا يُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى الْكَمَالِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الصَّدَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَمَالِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ عَقَدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ غَيْرَ مُسِرٍّ أَشْهَدَ الْآنَ وَجَازَ وَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّقِيقُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ أَشْهَدَ الْأَبُ وَأَجْنَبِيٌّ عَلَى إِذْنِ الثَّيِّبِ فِي الْعَقْدِ وَأَنْكَرَتْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْأَبَ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ فَشَهِدَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا بعقدها لم يجز نِكَاحه ويعاقبان وَإِنْ نَكَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَشْهَدَ الْآنَ مُسْلِمَيْنِ وَلَزِمَ النِّكَاحُ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْأَدَاءِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ ش وَاكْتَفَى بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرَ أَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ عِنْدَهُ تُقْبَلُ وَسَوَّى ح بَيْنَ تَحَمُّلِ شَهَادَةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فَجَوَّزَ شَهَادَةَ الْفَاسِقَيْنَ لِأَنَّهُمَا قد يكونَانِ عدلي عقد الْأَدَاءِ لَنَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْحَالِ دَفْعُ مفْسدَة التُّهْمَة بالزنى والتغرير عَلَى الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَإِثْبَاتُ نَسَبِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بأهلية الْأَدَاء فتشترط.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِظْهَارِهِ:

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ وَيُرْوَى بِالدُّفُوفِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الغربال الدُّف المدور وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْمَغْشِيُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَحْسَنُ الْمِزْهَرُ الْمُرَبَّعُ وَلَا بَأْسَ بِالدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَلَا يَجُوزُ الْغِنَاءُ فِي الْعُرْسِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا كَمَا كَانَ يَقُولُ نسَاء الْأَنْصَار أَو الرجز الْخَفِيف مِنْ غَيْرِ إِكْثَارٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِعْلَانُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَنِكَاحُ السِّرِّ حَرَامٌ وَاخْتلف فِيهِ فَقيل مَا أَمر الشُّهُود يكتمانه وَإِنْ كَثُرُوا وَقِيلَ مَا عُقِدَ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ وَلَوْ بِامْرَأَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُعْلَنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُفْسَخُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرِ الشَّاهِدَانِ بِالْكِتْمَانِ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يُفْسَخُ نِكَاحُ السِّرِّ لنا نَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَكْتَمَ الْبَيِّنَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ دَخَلَا وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَيُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ وَالْبَيِّنَةُ قَالَ ابْنُ يُونُس إِذا قَالَ لَهُمُ اكْتُمُوهُ عَنِ امْرَأَتِي الْأُخْرَى أَوْ فِي مَنْزِلِ الْعَقْدِ فَقَطْ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَظْهَرُوهُ فَهُوَ نِكَاحُ السِّرِّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ فعل ذَلِك بعد العقد وَلم يكن نَوَاه عِنْدَ الْعَقْدِ جَازَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَفْسُدُ إِذَا أَضْمَرَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ وَنِيَّتُهُ الْفِرَاق.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي لُزُومِهِ:

وَالْخِيَارُ عِنْدَنَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْخِيَارِ اسْتِدْرَاكُ الْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالنِّكَاحُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْفَحْصِ وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى بَذْلَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَذَوَاتِ الْأَعْيَانِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الشَّرْعُ لَهُنَّ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ جَبْرًا لِكَسْرِ الرَّدِّ وَأَبْطَلَ الْأَئِمَّةُ شَرْطَ الْخِيَارِ وَزَادَ ش إِبْطَالَ النِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا قَبْلَ الْخِيَارِ لَمْ يَتَوَارَثَا وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبناء بِالْمُسَمّى وَكَذَلِكَ إِذا تَزَوَّجَ عَلَى إَنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِيهِمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ آتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ إِذَا مَضَى شَهْرٌ تَزَوَّجْتُكِ وَرَضُوا بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى مُشَاوَرَةِ فُلَانٍ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الرِّضَا فِي الْمُشَاوَرَةِ الْبَعِيدَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ على القَوْل بالفسح بَعْدَهُ جَرَى التَّوَارُثُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَالطَّلَاقِ وَفِيمَا يُفْسَخُ مِنَ الْأَنْكِحَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَشَارُ لَا أَرْضَى وَرَضِيَ الزَّوْجُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَحَكَى التُّونِسِيُّ لُزُومَ قَوْلِ الْمُسْتَشَارِ لِأَنَّهُ الْمُشْتَرط.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِمَالِكٍ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ قَوْلَانِ وَأَجَازَهُ ح وَمَنَعَهُ ش وَصِفَتُهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَيُوقِفَهُ عَلَى إِجَازَتِهَا وَيَعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ أَنْ يُوقَفَ عَلَى إِذْنِ الْوَلِيِّ بَعْدَ رِضَا الزَّوْجِ دُونَهَا لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِ لَيْسَ عَامًّا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ مَعَ الْقُرْبِ اسْتِحْسَانًا قَالَ وَالْمَوْقُوفُ طَرَفَاهُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَوْلَانِ وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِمَّا الزَّوْجُ أَوِ الْوَلِيّ فِي كَرَاهَةِ مَا قَرُبَ مِنْهُ قَوْلَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اتِّفَاقًا وَفِي بُطْلَانِ مَا بَعْدُ قَوْلَانِ.

.الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي هَزْلِهِ:

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ أَنْ هَزْلَ النِّكَاحِ كَجِدِّهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَفِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفًا على سعيد ابْن الْمُسَيِّبِ وَعِوَضُ الرَّجْعَةِ الْعِتَاقُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَزْلَهُ هَزْلٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامرئ مَا نَوَى.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا خَطَبَ الْمَرْأَةَ فَقَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجْتِ فَلَانًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْتُ الدَّفْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَفَ فُلَانٌ ثَبَتَ نِكَاحُهُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إِقْرَارِهِ وَأَمَّا بِقَوْلِ الْأَبِ الْخَاطِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النِّكَاحُ لِفُلَانٍ طَلَبٌ بِنِكَاحٍ سَابِقٍ أَوْ بِهَذَا القَوْل لِأَن النِّكَاحَ لَا لَعِبَ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُ بِهَذَا وَلَا بِدَعْوَى مُتَقَدِّمَةٍ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ.
قَاعِدَةٌ:
لِلَّهِ تَعَالَى أَحْكَامٌ فِي الظَّاهِرِ عَلَى يَدِ الْحَاكِمِ لَا تَثْبُتُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُفْتِينَ كَالْأَقْضِيَةِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى الْأَقَارِيرِ وَالْبَيِّنَاتِ الْكَاذِبَةِ وَكُلُّ حُكْمٍ فِي الْبَاطِنِ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ إِذَا ثَبَتَ وَقَدْ يَثْبُتُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يَثْبُتُ فِي الْفَتْوَى فَمَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ هَزْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جَدٌّ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا دَلَّتِ الْقَرَائِنُ فِيهِ عَلَى اللَّعِبِ بَلِ الْمُسْتَعْمِلُ لِلَّفْظِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ تَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فَهَذَا يَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَتَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ مَجَازًا فَهَذَا لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَتِهِ الْمَجَازَ وَتَارَةً يُطْلِقُ اللَّفْظَ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ فَهَذَا هُوَ الْهَزْلُ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ لَا يَلْزَمْ وَإِلَّا لَزِمَ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَكَانَ فَتَحْقِيقُهُ عَزِيزٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّرْعُ الْهَزْلَ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْجَدِّ احْتِيَاطًا لَهُ لِشَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ.